
دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الجمعة، للتعجيل في تشكيل حكومة وطنية موسّعة إنطلاقاً من الحاجات الوطنية، مشيراً إلى أن هذه الدعوة لا ترتبط بمخاوفنا في الموضوع الإقليمي بل على العكس، فإذا كان أحد يراهن على تغيير ما في الموضوع الإقليمي لمصلحته فعليه أن يكف عن ذلك لأن التغييرات الإقليميية هي لصالح محورنا سواء في جنوب سوريا أو في الساحل الغربي جراء فشل العدوان في السيطرة على الحديدة.
وفي كلمة له خصّصها للحديث عن آخر التطورات في لبنان والمنطقة، رأى السيد نصرالله أن المشكلة التي حالت حتى الآن دون تشكيل الحكومة هي ضياع المعايير إذ يجب أن يكون هناك معياراً واضحاً يجب الإلتزام به. معتبراً أن ما يجري الآن لا يعتمد معايير واحدة إذ أن كتلتي الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير تأخذ 6 وزراء في حين أن هناك كتلة من 20 نائب تريد 7 وزراء.
واعتبر الأمين العام لحزب الله أن ما يتداول حتى الآن من صيغ لا يصح تسميته بحكومة وحدة وطنية بل حكومة ذات تمثيل سياسي وشعبي واسع، لأنه كتلاً نيابية أو طوائف يتم تجاوزها في صيغ التشكيل، سائلاً لماذا الإصرار على عدم تمثيل العلويين والسريان، مطالباً بتمثيل الجميع والإلتزام بالنتائج التي أفرزتها الإنتخابات النيابية.
وعن ملف النازحين السوريين، أشار السيد نصرالله إلى أن هناك مشكلة تؤدي لبقاء هذا الملف عالقاً، مبيّناً بأن أحداً لم يطرح فكرة العودة الإجبارية إنما العودة الطوعية الامنة، وأوضح أن النازحين الذين يريدون العودة بارادتهم ستكون عودتهم آمنة ويجب أن تُأمّن لهم العودة، متّهماً جهات ومنظمات دولية ومحلية بتخويف النازحين السوريين من العودة وتقديم معلومات غير صحيحة لهم، مشدداً على أن هذا الأمر يجب أن يعالج.
واعتبر الأمين العام لحزب الله أن الحيلولة دون عودة النازحين يلحق الأذى بالشعب السوري والشعب اللبناني والبلدين، كاشفاً عن أن حزب الله وأمام التعقيدات الموجودة في ملف النازحين وانطلاقاً من علاقتنا مع سوريا يريد أن يمد يد المساعدة وبالتالي سنتواصل مع النازحين السوريين ونسجل أسماء من يريد العودة ونعرض الأسماء على الدولة السورية ونتعاون مع الأمن العام اللبناني لإعادة أكبر عدد ممكن من النازحين الذي يرغبون بالعودة الطوعية.
وأعلن السيد نصرالله "أننا شكلنا ملفاً في حزب الله لمساعدة النازحين السوريين للعودة وكلفنا النائب السابق نوار الساحلي ومعه مساعدين لديهم مراكز ليتصل بها النازحون"، منبّهاً إلى أنه ليس هناك وقت لإضاعته وهناك من يريد العودة قبل بدء المدارس وسنستمر في المساعدة إلى أن يتم حسم الملف بين الحكومتين اللبنانية والسورية، مضيفاً "أننا سنشكل لجان شعبية في مختلف المناطق للتواصل مع النازحين ممن يرغب للعودة ونحن نقدم المساعدة التي تخدم الشعبين اللبناني والسوري ومصلحة البلدين".
وبشأن الأوضاع في بعلبك ـ الهرمل، لفت الأمين العام لحزب الله إلى أن بعد انتهاء الانتخابات واعلان النتائج حصل شيء غير مفهوم في تلك المنطقة من فلتان أمني وضجيج اعلامي وحرب نفسية، معتبراً أن هذا الأمر يجب التوقف عنده، وذكَّر أن الحرمان في بعلبك الهرمل عمره 40 سنة، وعندما كان المسلحون في الجرود كان الوضع الأمني أفضل وهذا ما يستدعي البحث في ما حصل من أوضاع بعد الانتخابات.
ودعا السيد نصرالله الجيش والأجهزة الأمنية للعمل الجاد والمتواصل وعدم القبول من أحد بتغطية أحد، مؤكداً أن لا غطاء سياسي عن أي مخل في الأمن، طالباً من أهل المنطقة إلى التعاون الكامل مع الأجهزة الأمنية والتجاوب مع كل الاجراءت التي يتخذها الجيش في المنطقة، وإلى الاطمئنان والثقة بالبقاء في منطقتهم، مشدداً على أن لا الدولة اللبنانية في وارد التخلي عن مسؤولياتها والرئيس بري كان له مواقف حازمة وحزب الله لن يترك وسيلة دون حفظ أمن المنطقة دون الوسائل المتاحة وكل الخيارات في النهاية ستكون مفتوحة فلا حزب الله ولا حركة أمل بصدد ترك هذه المنطقة للمجهول.
وتطرّق الأمين العام لحزب الله إلى ما حصل في اليمونة والعاقورة، مشيراً إلى أنها مشكلة على عقار ونرجو أن لا يتم تحويل الملف إلى ملف طائفي وأن لا يزايد أحد في هذا الملف وأن يكون الملف بيد الجيش وأن يكون هناك هدوء وحوار، ونبّه إلى أن دفع الأمور باتجاه استخدام السلاح والتحريض الطائفي والاعلامي يصل إلى حدّ الخيانة الوطنية، معتبراً أن فتح هذا الملف في هذا التوقيت هو أمر مشبوه.
وفي ما خصّ مرسوم التجنيس، أعلن السيد نصرالله أننا في حزب الله لم نكن على علم بهذا المرسوم لا من قريب ولا من بعيد، مشيراً إلى أننا لم نكن نعلم أنه صدر إلا من خلال وسائل الإعلام، وأضاف أن لا نعرف الكثير من هذه الأسماء في المرسوم وقد تكون لدينا مجموعة ملاحظات حوله ولكن لا نعرضها في وسائل الاعلام بل سيذهب أحد نوابنا إلى فخامة الرئيس لوضعه في أجوائها، وقال إن في موضوع أولاد اللبنانيات يجب إجراء دراسة هادئة لهذا الملف ولتكن هناك فرصة حوار ونقاش جاد وداخلي.
وفي الشأن الإقليمي، حذر السيد نصرالله من أن محركات "صفقة القرن" تعمل بقوة وعلى كل المعنيين بالقضية الفلسطينية أن يراقبوا بالتالي التطورات الجارية فلسطينياً، وأوضح أن المنطقة دخلت مرحلة العمل الأميركي والإسرائيلي الجدي لإنجاز صفقة القرن وقد نكون على مقربة من إعلان رسمي أميركي حول هذه الصفقة، معتبراً أن هذا الملف سيعطى أولوية في منطقتنا لأن "صفقة القرن" تعني تصفية القضية الفلسطينية.
وحثّ الأمين العام لحزب الله الجميع على تحمّل مسؤولياته في دعم الشعب الفلسطيني لمواصلة مسيرات العودة ومواجهة الخطوات التنفيذية لصفقة القرن.
وحول التطورات التي تحصل في جنوب سوريا، رأى السيد نصرالله أنها "ايجابية جداً والمعطيات تؤكد انهيار الجماعات المسلحة. مؤكداً أن كل المنطقة في جنوب سوريا سواء في درعا أو غيرها هي أمام الانهيار ولا أفق في قتالها، وتحدث عن اندفاعة شعبية في الجنوب السوري للعودة إلى حضن الدولة ونحن أمام تحول كبير وانتصار كبير جدا.
وعن استشهاد وسقوط عدد كبير من الجرحى جرّاء قيام طائرات معادية باستهداف مواقع لكتائب حزب الله عند الحدود السورية- العراقية، عبّر الأمين العام لحزب الله عن مساندته لأي قرار تتخذه فصائل المقاومة العراقية بالرد على الاعتداء الذي تعرضت له، وأمل أن يتوصل الاخوة في كتائب حزب الله للتوصل إلى الجهة المعتدية، محذّراً من أنه إذا تسامحنا مع الإعتداء فإن العدوان سيستمر، وتوجه بالشكر لفصائل الحشد الشعبي في العراق على كل ما قدمته من مساعدة في سوريا والعراق لمحاربة "داعش".
وفي ما خص التطورات اليمنية، رأى السيد نصرالله أن ما يحصل في الساحل الغربي هو معجزة حتى بالمعايير العسكرية، مشيراً إلى أن المجاهدين اليمنيين في الساحل الغربي حققوا واقع "تد في الأرض قدمك، تزول الجبال ولا تزل".
وقال الأمين العام لحزب الله إن "يجب أن ننحني إجلالاً لهؤلاء الأبطال في الساحل الغربي وقياداتهم الحكيمة والمجاهدة"، مضيفاً "أنا خجول أنني لست مع المقاتلين اليمنيين في الساحل الغربي، وأنا أردد بيني وبين نفسي عندما أرى البطولات في الساحل الغربي يا ليتني أستطيع أن أكون مقاتلاً من مقاتليكم تحت راية قائدكم الشجاع، وكل شريف في هذه الأرض يقول هذه العبارة".
واعتبر السيد نصرالله أن "معركة الساحل الغربي درس عظيم يضاف إلى الإنجازات العظيمة في لبنان وفلسطين وغيرها"، مبيّناً أن "القتال في الحديدة يحصل بين أهم الأسلحة والطائرات والامكانيات والأجهزة والقيادات وبين شعب لديه الإرادة والتوكل على الله.
وأكد الأمين العام لحزب الله أن ما شهدناه باليمن في معركة الحديدة في المطار والمدينة والأماكن المحيطة بها هو فضيحتان أحدهما عسكرية ميدانية والأخرى اعلامية حيث أسقطت قوى العدوان مطار الحديدة مرات عديدة وتبيّن أن ذلك غير صحيح.
وشكر السيد نصرالله رئيس الحكومة الجديدة في ماليزيا ووزير الدفاع على قرارهم بالخروج من التحالف المشؤوم، بينما ناشد الدولة السودانية والشعب السوداني بالخروج من هذا التحالف، معرباً عن أسفه لرؤية الجيش السوداني في هذه المعركة بعد أن كان له حضور كبير في وجدان أبناء المنطقة.
وشدّد الأمين العام لحزب الله على أن المعركة في اليمن بلا أفق، وأمل أن تكون تجربة معركة الساحل الغربي عبرة للسعودية والإمارات بأنهما أمام شعب لن يستسلم ولديه قدرة عالية على الصمود.
للاطلاع على النص الكامل لكلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يُرجى الضغط هنا.